مقدمة
تعتبر الغنم من أوائل الحيوانات الزراعية التي استأنسها الإنسان ويرجع تاريخ استئناسها إلى العصر الحجري الحديث. ومن المتفق عليه أن الغنم المستأنسة الحالية يرجع نسبها الى الغنم البرية والغير مستأنسة والتي مازالت حتى يومنا هذا تعيش في بعض نواحي آسيا وأوربا، وتنتمي الغنم الى العائلة البقرية والتي تضم البقر و المعز ولكنها تختلف عنهما في أسم الجنس العلمي بجانب بعض الاختلافات التشريحية والشكلية، ومن المعروف أن عدد سلالات الغنم العالمية يزيد عن 300 سلالة تتباين في صفات إنتاجها وأشكالها وطبيعة غطاء الجسم إلا أنها تتشابه
جميعا في كونها حيوانات وديعة هادئة وان كانت من اقل حيوانات المملكة الحيوانية ذكاء ومقدرة على التصرف وذلك كنتيجة طبيعية لعمليات الانتخاب التي أجراها الإنسان لتسهيل عمليات الرعي في قطعان كبيرة تعتمد على مربيها في إيجاد الغذاء أو إيجاد وسائل الحماية لحملانها والدفاع عنها. وتنتشر الغنم في معظم دول العالم إلا أنها تختلف في الأهمية الاقتصادية لكل دولة حسب الغرض من تربيتها ومصادر الدخل الأخرى، فنجدها تكثر في بعض البلدان وتقل أو تكاد تنعدم في الأخرى ويرجع ذلك إلى أسباب جغرافية أو اقتصادية. وتتركز أغلب الغنم في عدد قليل من الدول من أهمها أستراليا وروسيا ونيوزيلندا والأرجنتين وجنوب أفريقيا وتركيا، وبصورة عامة فان صناعة الغنم والصوف تتركز أساسا في دول النصف الجنوبي للكرة الأرضية وذلك لتوفر عوامل نجاح تلك الصناعة مثل وفرة المراعي الواسعة وانخفاض الكثافة السكانية مما يقلل من منافسة الإنسان على استقطاع أجزاء من المراعي لاستغلالها في الزراعات التقليدية. وتربى الغنم عادة إما بغرض إنتاج اللحم أو إنتاج الصوف أو الاثنين معا، وأحيانا لإنتاج الحليب، ولكل نوع من الإنتاج سلالاته المتخصصة.
خصال الغنم وطباعها:
فهم طبيعة الغنم وخصالها من الأشياء المهمة التي يجب أن يلم بها مربو الغنم حتى يسهل عليهم مراقبة حركتها والتعرف والتنبؤ بمشاكلها ومعاملتها بأقل مجهود لازم وتتوقف خصال الغنم على مدى الاختلافات اليومية والفصلية وعلى السلالة والظروف البيئية السائدة، وفيما يلي أهم خصال الغنم وهي في حالتها الطبيعية:
1- الرعي .
ترعى الغنم في أي وقت من أوقات النهار، وقد لوحظ أن الرعي يتم غالبا خلال ساعات النهار الأولى أو خلال وقت غروب الشمس. ومن المألوف أنها ترعى على فترات يفصل بين كل فترة و أخرى وقت للراحة، وتبلغ عدد فترات الرعي اليومي من 4 الى 7 فترات، وتبلغ مجموع ساعات الرعي اليومية حوالي 10 ساعات في المتوسط. وتفضل الغنم رعي الحشائش الصغيرة، وكذلك تفضل بعض أنواع النباتات على الأنواع
الأخرى وتلجأ إلى رعيها بكثافة إلى أن تنتهي فتختار نوعا آخر يلي النوع الأول في الاستحسان، وتمتاز كذلك بالقدرة على أقلمة شهيتها لتناول نبات واحد لفترة طويلة حتى ولو كان ذلك النبات من النباتات غير المحببة إليها. وقد تلجأ إلى تقليل فترات الرعي خلال الأوقات الحارة من النهار وزيادة فترات الرعي الليلي أو الرعي في الصباح الباكر حينما يكون الجو أكثر اعتدالا. وعندما ترعى الأغنام فهي تجذب الحشائش وتمسكها بين القواطع السفلية وبين الوسادة الغضروفية ثم تهز رأسها للأمام والى أعلى حتى تتقطع في فمها.
2- الاجترار
تقضى الغنم في المتوسط بين 8 إلى 10 ساعات يوميا في اجترار غذائها على فترات تبلغ في المتوسط بين 8 إلى 15 فترة، وكل فترة تستمر من دقيقتين إلى الساعتين طبقا لنوع الغذاء والحالة الفسيولوجية للحيوان. وأثناء الاجترار يقوم الحيوان بمضغ الغذاء بمعدل 90 مضغة في دقيقة ويسترجع في حدود 500 بلعه يوميا، وكل بلعه تحتاج في المتوسط إلى 78 مضغة . والغنم تجلس أثناء الاجترار وهى في حالة استرخاء وراحة ورأسها مرفوعة إلى أعلى، وتحرك فكها من جانب إلى آخر بقوة وانتظام. وعادة يوجد في الفم أثناء المضغ بلعه واحدة فقط يتم مضغها جيدا بواسطة ضروس أحد جانبي الفك دون أن تتحرك إلى الجانب الآخر، وبعد طحن البلعة تماما يتوقف
المضغ وتبلع وبعدها بقليل يتم استرجاع بلعه أخرى جديدة لتتكرر نفس العملية. والغنم التي تتغذى على غذاء ناعم لا يحتاج إلى اجترار تنام لفترات أطول من الغنم التي تتغذى على أعلاف خشنة، وكذلك التي تتناول كميات كبيرة من الغذاء دفعة واحدة فإنها تجتر لفترات أقل من التي تتناول كميات صغيرة وعلى فترات متلاحقة.
3- التحرك
الغنم من الحيوانات التي تطورت فيها غريزة حب التجمع بدرجة واضحة ومن المؤكد أن هذه الغريزة مع صفة سهولة الانقياد من أهم العوامل التي ساعدت على سرعة استئناسها. ويمكننا القول بأن هذه الغريزة تطورت في سلالات الغنم بدرجات متباينة وهذا يرجع إلى اختلاف طبيعة منشأها، فالسلالات التي نشأت في المراعي الجبلية الفقيرة ترعى في مجاميع صغيرة أكثر استقلالية عن بعضها البعض حيث إن الظروف الغذائية شجعت من انتشارها بحثا عن الأعشاب المتناثرة، وعلى العكس من ذلك فان السلالات التي نشأت في مناطق رعى غنية وفيرة العشب تظهر فيها غريزة التجمع بقوة وتتحرك في المراعي وكأنها كتلة واحدة. والمعروف عن الغنم أنها أثناء الرعي والبحث عن الغذاء لا تحتاج إلى وجود قائد لها يوجه مسار القطيع كما هو الحال في أغلبية الحيوانات البرية، وتسير الغنم داخل المرعى في مسار محدد تمشى فيه باستمرار خاصة عند ذهابها للشرب أو لأماكن تجمعها، وهذا المسار قد يكون ملتويا وليس بالضروري أن يكون أقصر الطرق .
أغلبية سلالات الغنم لها المقدرة على تغطية مسافات تصل الى 8 - 16 كم يوميا أثناء الرعي، وهي تفضل الرعي عكس اتجاه الرياح وفي حالة إجبارها للرعي مع اتجاه الريح فغالبا ما ترفض الرعي، وتختار الغنم مكان مرتفع عن باقي أجزاء المرعى لتبقى وتنام فيه، وإذا كان هناك سور يفصل بين قطيعين من الغنم فإنها تلجأ للبقاء على جانبي السور الفاصل.وفى الأجواء الحارة فهي تبحث عن مناطق مظللة لتبقى أسفلها، وإذا لم تجد ظللت بعضها البعض بوضع رأسها أسفل الحيوانالمجاور وهكذا بالتبادل لتحمي رؤوسها من أشعة الشمس. وتعتبر الغنم من أقل الحيوانات المز رعية قدرة على الدفاع عن النفس، وفي حالات الخوف تتجمع في مجموعة واحدة للدفاع عن نفسها. وقد لوحظ أن الأفراد الذين ينعزلون عن القطيع غالبا هم المرضى والأكثر عرضة للافتراس.
4- السيادة
لوحظ أن هناك ترتيب تنازلي للسيادة وزعامة القطيع داخل مجاميع الكباش، فهناك كبش واحد يسود باقي الكباش ثم يليه كبش آخر وهكذا حتى نصل إلى الكبش الأخير الذي لا يسود أحدا وتسمى هذه بظاهرة التركيب الاجتماعي الهرمي وهى أقل وضوحا داخل مجاميع النعاج أو الذكور المخصية. وعندما يتقابل كبشان من قطيعين مختلفين فإنهما يتناطحان الى أن يقبل أحدهما بسيادة الكبش الآخر. وتظهر علامات السيادة بجلاء عندما تكون بين الغنم منافسة علىالوقوف أمام طوالات الغذاء، فنجد الحيوان الأقل سيادة يقف بعيدا ولا يأكل إلا بعد ن تكون الحيوانات الأكثر سيادة قد نالت نصيبها، وكذلك نجد أن الغنم الأقل سيادة تأخذ أماكنها في أطراف الطوالات الأكثر قربا من الإنسان بينما تقف الغنم السائدة في الأطراف البعيدة.
5-الاستكشاف
إذا أجتمع قطيعان من الغنم من نفس الجنس و العمر و السلالة داخل حوش واحد فإنهما لا يختلطان سويا إلا بعد فترة من الزمن تبلغ في المتوسط 3 أسابيع، وفي حالة اختلاف السلالة فان عملية الاختلاط تستغرق فترة أطول قد تصل أحيانا إلى العام الواحد. وتدل هذه الظاهرة على أن الغنم تستطيع تمييز السلالة التي تنتمي لها، وقد لوحظ أن الغنم التي تنشأ في قطيع مكون من سلالات متعددة تكون ظاهرة الاختلاط فيها أسرع من الغنم التي نشأت في قطيع مكون من سلالة واحدة. وتنزعج الغنم من الصوت الحاد أو المفاجئ أكثر من انزعاجها من الأصوات العالية والمستمرة، ولا تفضل الظلام مما يجعل من الصعب دفعها للدخول إلى الأماكن المظلمة خاصة إذا كانت آتية من أماكن مشمسة أو مضيئة، وعلى العكس فهي تخرج من الأماكن المظلمة بسرعة نحو الأماكن الأكثر ضوءا. وتقوم النعجة بلعق جسم حملها وتنظيفه لمدة لا تقل عن 20-30 دقيقة بعد الولادة وهذه الفترة كافية لتتعرف النعجة على حملها وترتبط به جيدا من خلال تمييز رائحته. وتتعرف الغنم على بعضها البعض عن طريق حواس النظر والشم والسمع، فحاسة السمع عندها هامة لكي تتعرف على حملانها إذا كانت المسافة الفاصلة بينهما في حدود 10 أمتار بينما في المسافات التي تقل عن المترين فان حاسة الشم هي الأساس في عملية التعرف، وإذا فصلت النعجة عن حملها فكلاهما يستمر في الصياح إلى أن يجتمعا مرة أخرى.
6- السلوك التناسلي
التعرف على الخصال التناسلية للغنم من الأشياء المهمة في مجال الإنتاج الحيواني فغالبا ما تقوم الكباش بتلقيح النعاج في الصباح الباكر أو عند الغروب، وعندما تبحث الكباش عن النعاج التي في حالة شياع فإنها تتبعها في سيرها وتشم مؤخرتها، وإذا عثر الكبش على أحد النعاج الشائعة تظهر عليه علامات
فلهمن حيث يرفع أنفه في الهواء قالبا شفتيه ثم يقف موازيا لجانب النعجة ويضرب الأرض بإحدى قدميه الأماميتين وكأنه يحفر ، فإذا أظهرت النعجة عدم الاستجابة فانه يتركها للبحث عن أخرى. ومن المعروف أن النعاج الشائعة تبحث بدورها عن الكبش لتبقى بجواره، وإذا كانت الكباش بمعزل عنها فإنها تذهب وتبقى بالقرب من مكان وجودها إلى أن يتم تلقيحها أو ذهاب شياعها. وأثناء مواسم التناسل تميل الكباش إلى التناطح فيما بينها أو تتدافع بأكتافها مصدرة أصوات تشبه الشخير.
7- الرضاعة .ترضع الحملان أمهاتها حوالي 70 مرة خلال الأسبوع الأول من حياتها، وقد لوحظ أن كل فترة رضاعة تستغرق في حدود 1-3 دقائق، ومع تقدم الحمل في العمر تقل عدد الرضعات اليومية إلى حوالي 20-30 مرة. ترفض النعاج إرضاع أي حمل غريب عنها وتدفعه بعيدا،.وفى حالة النعاج التي لها حمل واحد فقط فانه غالبا مايرضع من جانبي الضرع دون تفضيل محدد، وأما في حالة الحملان التوائم فإن كل حمل غالبا ما يختص بجانب واحد ومحدد من الضرع دون الآخر. وقد لوحظ أن الحملان أثناء رضاعتها ترفع من قمة ذيلها إلى أعلى وتهز باقي الذيل بشكل ارتعاشي بينما تقوم النعجة بلعق عضلات ما حول المستقيم لمولودها لتنشيط الأمعاء في طرد المخلفات الحيوانية.
منقول
للدكتور محمد احمد محمد ابوهيفالمصدر: منـتـديات أغـــنـامowhg hgykl ,'fhuih owhl
المفضلات